جوائز التميز ما لها وما عليها

تهتمُّ الجهات والمؤسَّسات بتشجيع المواهب والإبداع، كما تهتمُّ لِتَحفيزِ النَّاس على العطاء والإسهام في مجالات مُعيَّنة كالعطاء في مجال العمل التَّطوُّعي، ونقلِ تجربة الصَّامِدِينَ في مقاوَمة الأمراض المُزمنة للآخرين كمرضَى السَّرطان ومُتَحدِّي الإعاقات، وتشجيع المِهنيِّين على الإبداع في عملهم كنجاحِ الأطبَّاء في إجراء العمليَّات المُعقَّدة، أو قدرة العمَّال المَهرة على مقاوَمة المخاطر ومواجهتها كالعاملين في المناجم والمصاهر، والبطولات الَّتي يصنعها العاملون في مجال الدِّفاع المَدَني لإنقاذ أرواح النَّاس. فهذه الإنجازات والإبداعات تحتاج لإبرازها وتوثيقها.

وقد شاعَ مع بدايات هذه الألفيَّة تنظيمُ المنافسات والمسابقات بَيْنَ المتميِّزين في مجالٍ ما للحصولِ على جائزة للتميُّز، وذلك في مجالات عدَّة مِثل مسابقات في مجال حفظ القرآن الكريم وتجويده، وفي مجال نَظْم الشِّعر، وفي مجال الاختراعات العلميَّة، وغيرها من المجالات، وتستهدف هذه المسابقات فئات عمريَّة مختلفة، فمِنْها ما يكُونُ للأطفال، مِنْها ما يكُونُ للشَّباب، ومِنْها ما يكُونُ للمُختصِّين والمِهنيِّين في مجالات مُعيَّنة، فيعلنُ عن فتحِ بابِ التَّرشُّح للمنافسةِ، وتقدّم الأعمال والَّتي تخضع للتَّقييم من قِبل لجان تحكيم وفق معايير توضعُ من اللَّجنة المُنظِّمة للجائزة، مع الإعلان عن هذه المعايير لِيلتزمَ بها المُتنافِسون، ثمَّ يقامُ حفلٌ كبير يحضره كبارُ المُهتمِّين بمجال المسابقة، ويُكرَّم الفائزون بجوائز نقديَّة، ودُروعٍ تذكاريَّة وشهادات، كما تُوثَّقُ أعمالُهم وإنجازاتُهم الفائزة في كتُبٍ وإصداراتٍ أو مواقعَ إلكترونيَّة، وعادةً ما تكُونُ هذه الجوائز تحملُ اِسْمَ الدَّاعِمِينَ لهذه المسابقة، أو اِسْمَ العُلماء المُختصِّين في مجال المسابقة، أو أيَّ اِسْمٍ مُعبِّر عن المنافسة نَفْسها، وغالبًا ما تكُونُ هذه المسابقات أو المنافسات سنويَّة أو كُلَّ عامَيْنِ.

ويتنافسُ المُهتمُّون والمُبدِعون في هذا المجال للمشاركة في هذه المسابقة على أملِ الفوز بالجائزة، وتكمن أهميَّة الفوز بالجائزة ليس في المردود المادِّي فقط، بل هو شهادة واعتراف بتميُّز الشَّخص في هذا المجال، فيفخر به على مدَى سنواتٍ، ويُشكِّل إنجازًا يعتزُّ به، كما أنَّ هذا الفوز يدعمُه للتَّرشُّح لفرصٍ أُخرى كالمسابقات الأخرى، أو التَّقدُّم لأنْ يكُونَ ضِمْن لجان التَّحكيم، أو لِيكُونَ مدربًا في مجال اختصاصه أو غيرها من الفرص.

إنَّ شيوعَ هذه الممارسة بتشجيع المواهب والإبداع وتشجيع النَّاس على العطاء في مجالٍ مُعيَّن عن طريق إجراء المسابقات والمنافسات لهَا أثرُها الإيجابي في صناعة رموزٍ تقتدي بها الأجيال وتتعلَّم مِنْها، كما أنَّها تُشكِّل تكريمًا للمتميِّزين وإبرازًا لِمَا يُحقِّقونه من إنجازاتٍ وإبداعات فتُحفظُ أعمالُهم وتُوثَّقُ لِتُشكِّلَ إضافةً لحضارتنا المعاصرة، فلا تغيبُ الإنجازات ولا تضيعُ بَيْنَ ركام السَّعي للمكاسب الماديَّة.

وقد شاعتْ ممارسة تنظيم المنافسات والمسابقات لإبراز المواهب وإبراز التميُّز بَيْنَ العديد من الجهات وعلى مختلف المستويات، فمِنْها المسابقات الوطنيَّة الكُبرى، والمسابقات الدّوليَّة، ومِنْها ما يكُونُ على مستوى المؤسَّسات الصَّغيرة كالمدارس والجمعيَّات وغيرها.

إلَّا أنَّ المبالغةَ في الاعتماد على المسابقات كوسيلةٍ لِتَشجيعِ المواهب، والحثِّ على الإسهامِ والعطاءِ في مجال مُعيَّن، وقلَّة اللُّجوء للوسائلِ الأخرى لِتَحقيقِ هذا الهدف قد تُفقِدُ الجوائز الكُبرى قِيمتَها، حتَّى باتَ التَّميُّز عن طريق المسابقات أمرًا مألوفًا وكادَ أن ينطفئَ بريقُه. نَعم.. نحنُ نؤكِّد على أهميَّة المسابقات والمنافسات، فتلك ممارسة إيجابيَّة إلَّا أنَّ التَّنوُّعَ في أساليب التَّشجيع أمْرٌ مطلوب ومحفِّزٌ للجميع.. فمن هذه الأساليب: إنشاء منصَّات إلكترونيَّة خاصَّة لِنَشرِ الإبداعات في المواقع الإلكترونيَّة وفق معايير مُحدَّدة، أو الانضمام لِنَيلِ العضويَّات في المؤسَّسات المعنيَّة في المجالات المُتنوِّعة، أو إصدار الكتب ولمؤلّفات، وإنتاج الأفلام بأنواعها كالأفلام الوثائقيَّة، والأفلام التَّاريخيَّة، والبرامج التلفزيون المُتخصِّصة في مجال الإبداع وغيرها من الأساليب، فخير الأمور الوسط… ودُمْتُم أبناء قومي سالِمِين.

نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري