white red and green flag on pole during daytime

كل أيام الزمان هي عيد لعمان

سحر أنغام القوافي لا أبا لك تأسر قلب كل سامع لقوافٍ يصدح بها الشعراء في وصف جمال ربوع عُمان الخير، سحر أنغام القوافي لا أبا لك تسلب لب كل سامع لقوافٍ يصدح بها الشعراء في مَجدٍ بناه أبطال عُمان، لا أدري أي معاني الجمال أقرؤها في ربوع عُمان؟ أفي جبالها الخضراء؟ أم شواطئها الساحرة أم هضابها الغنية بالخير؟ لا أدري أنتغنى بجمال عين أرزات الطبيعية الكبريتية، تلك العين الغريبة الشكل ذات الفوهة الضخمة؛ فتشعر بالحيوية حينما تنغمس في مياه العين؟ وحين تبحر فيها بمجاديفك فتنعم بأغنيات تصدح بها أصوات حركة مياه العين، وتسعد بروعة تلك المتنزهات التي تحيط بعين رزات؟ أم نتغنى بجمال مياه المحيط الهندي الزرقاء وشواطئها التي كلما رميت ببصرك طالبا نهايتها يكل بصرك من بلوغ تلك النهاية حتى تظنها سرابا صعب المنال؟ شواطئ تحفها أشجار جوز الهند، وتشكيلات صخرية كأن يد فنان مبدع قد نحتتها ليتحدى بها كل نحات، وعندما تجول في تلك الشواطئ توقن بأنك وسط قاموس يجمع كلمات تحمل معاني الجمال؟ أم نتغنى بجمال وادي دربات فعندما تقف وسط هذا الوادي وتتأمل عظمة الجبال التي تحفك وروعة الهضبات من حولك فتجد بها الكهوف الكلسية التي تستدرجك لرحلات من المغامرات فتنسيك دنياك فلا تذكر إلا دنيا ذلك الوادي، وتنشغل بتأمل شلالاتها وبحيراتها العذبة ونباتاتها وطيورها وأشجار فيحار قلبك في أمرك؟! وتتساءل إن كنت لا تزال تعيش على وجه الكرة الأرض أم أنك في جنات لم ترها عين قط ولم تخطر على قلب بشر؟! فلقياك يا عُمان عيد، وكل لحظة في رباك عيد، وكل ليلة في مسائك ليلة عيد. فمن قال إن يوما في السنة هو يوم عيدك فقد أجحف ما فيك من معانٍ.

brown boat on sea near mountain during daytime

نعم، سحر القوافي لا أبا لك تسلب لب كل سامع لقوافٍ يصدح بها الشعراء في مَجدٍ بناه أبطال عُمان، واشهدي يا صفحات التاريخ بذاك المَجد الذي رصَّت لبناته واحدة تلو الأخرى بسواعد رجال توارثت الهمم جيلا بعد جيل، رجال سبقت أفعالهم أقوالهم. لا أدري أأذكر تلك اللبنات التي وضعها الخليل بن أحمد الفراهيدي في القرن الأول الهجري، فهو شاعر وهو واضع قواعد للشعر، فهو أول من ابتكر علم العروض؟ فلا تعجب إن وجدت عُمان تجود بالشعراء على مرِّ الأزمان، وهو أول من ابتكر التأليف المعجمي وحصر فيه كل لغات العرب وألفاظهم المختلفة. أم أذكر تلك اللبنات التي وضعت أواخر القرن الخامس عشر الميلادي بيد الطبيب راشد بن عميرة الرستاقي، الذي عالج الأمراض المستعصية وأثرى المكتبة الطبية بمؤلفات تضم توصيفًا للأمراض وأعراضها، وألَّف في التشريح والتداوي بالطرق التقليدية ومن مؤلفاته “فاكهة ابن السبيل” وهو مجلد في الطب يضمن وصفا، وتشخيصا للأمراض وأنواعها وطرق علاجها، كذلك يذكر فيه الأدوية، و”مختصر فاكهة ابن السبيل”، وهو مختصر للمجلد الكبير، يضم عشرة أبواب، قسمت إلى فصول وأبواب. يتضمن عدَّة محتويات منها: ذكر خلق ابن آدم، حفظ الصحة، وتدبر المسافر، وحفظ الجوارح والعوارض النفسية، وأخيرا علاج الأمراض وتركيب الأدوية، و”مقاصد الدليل وبرهان السبيل”، مخطوطة تضم التجارب الطبية في علاج الأمراض للطبيب ابن هاشم. لعمري إن مؤلفاته هي مكتبة طبية تكفي لأن تكون جامعة متخصصة يتخرج منها أجيال من الأطباء؟ أم لبنات وضعت بيد أسد البحار الملاح العُماني أحمد بن ماجد، في القرن الأول الهجري ذلك البحَّار الذي على أمواج محيطات الأرض من شمالها إلى أقصى جنوبها، ومن أقصى شرقها حتى غربها وطأت أقدامه كل يابسة، علا على تلك المحيطات والبحار بسفينته التي أتحفها باختراعات لأدوات الملاحة، فهو ملاح خبير له العديد من المؤلفات ولُقب بأمير البحر، وقد تتلمذ على يده العديد من البحَّارة من العرب، ومن الهند ومن الغرب خصوصًا البحارة البرتغاليين، وله اختراعات بحرية اهتدى بها كل من تخصص في مجال الملاحة والإبحار، فمن بوصلته المطورة إلى وردة الرياح والاسطرلاب البسيط والمركب.
وها هم رجال ونساء عُمان يتناقلون شعلة المَجد من يد إلى أخرى جيلا بعد جيل، فيواصلون حرفة أجدادهم، حرفة صناعة المَجد، لتصل شعلة المَجد إلى يد قابوس السَّعد الذي أضاف لتاريخ عُمان المَجيد، وأضاف لبنات في صرح الحضارة العُمانية، حيث انطلقت مسيرة النهضة العُمانية الحديثة بقيادة السُّلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله ـ، مَسِيرة دامت خمسين عامًا، ويسلم تلك الشعلة لصاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ، مواصلًا درب التنمية والازدهار والرخاء، فمن يدَّعي أن لعُمان يوم عيد فقد أجحفها حقها، فكل أيام الزمان هي عيد لعُمان… ودُمْتُم يا أهل عُمان سالمين.

نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري

المصدر