ها قد غاب صوتٌ أَلِفَه أهلُ البحرين وارتبط في ذاكرتهم بلحظات الفرح بالنجاح، صوت ألفه أبناء البحرين في مناسبة ينتظرها الآباء قبل الأبناء، إنه صوت المربّي الفاضل محمد صالح عبدالرزاق القحطاني، الذي انتقل إلى جوار ربه في الخامس والعشرين من شهر يناير من عام 2024، بعد رحلة عطاء في مجال العمل التربوي، صوت عهدناه يصدح في حفل عيد العلم ذلك الاحتفال الكبير الذي كان يقام سنوياً لتكريم أوائل الطلبة، وخريجي الدراسات العليا، تحت رعاية وحضور سمو الأمير الراحل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه. حيث كان القحطاني يقوم بدور عريف حفل عيد العلم، فيقدم فقرات الحفل ويُعرف بها، ولا يكتفي بالتعريف بل كان يضيف في كلمة العرافة معلومات حول واقع التعليم في البحرين ومستجداته، حتى باتت كلماته توثيقاً لتاريخ التعليم في البحرين. وبات صوته المميز مرتبطاً في ذاكرة الناس بفرحة النجاح والتميز.
القحطاني هو أحد مؤسسي الحركة الكشفية في مملكة البحرين، بل هو أول قائد للكشافة، وقد عاصره والدي أطال الله في عمره حيث جمعتهم العديد من المواقف التي وثَّقْتها في كتابي «خطوات نحو المستحيل» وهو كتاب يحكي قصة حياة والدي، حيث عمل الأستاذ القحطاني مديراً في المدرسة الشرقية في بداية الستينيات، وخلال هذه الفترة ابتعثته وزارة التربية لحضور برنامج تدريبي لنيل الشارة الخشبية، وهي شارة يحصل عليها قائد الكشافة بعد خضوعه لبرنامج تدريبي عملي في مخيم كشفي يستمر حوالي أسبوعين، فإذا ما اجتاز هذا التدريب تُوّج بهذه الشارة ليصبح قائداً كشافاً متخصصاً، فكان أول قائد كشافة بحريني نال الشارة الخشبية.
وقد عرف عنه خبرته العميقة في مجال الحركة الكشفية حيث واصل إدارة المخيم الكشفي السنوي الذي كانت تقيمه وزارة التربية والتعليم في إجازة الربيع لعدة سنوات. ونظراً لكفاءته في مجال الأنشطة الطلابية عين مديراً لإدارة العلاقات العامة والأنشطة الطلابية. وفي عام ألفين ميلادية أصدر كتاباً بعنوان «أهمية التربية الكشفية ودورها في التعليم»، وقد نشر هذا الكتاب في موقع المنظومة، ويتكون الكتاب من مجموعة مقالات وبحوث في مجال التربية الكشفية.
وقد أسس القحطاني حزمة المسابقات الطلابية السنوية بين المدارس الحكومية في مجالات مختلفة، فأسس مسابقات أوائل الطلبة وأشرف عليها وهي مسابقة في المعلومات العامة تقام بين أوائل طلبة المدارس، وتقدم هذه المسابقات في إذاعة البحرين، وأسس المسابقات المتخصصة في إلقاء الشعر، ونظمه، وفي قراءة القرآن، وفي المسرح، والمسابقات الرياضية بأنواعها، ومسابقات في الرقصات التراثية، وتلك المسابقات خرجت مواهب وكفاءات.
رحمك الله أيها المربّي الفاضل وتقبل الله منك ثمار جهدك التربوي.