تلتزم الشركات غير الربحية بجميع مبادئ الحوكمة، وأهمها مبدأ الشفافية، ومن هنا يجب الإفصاح عن أموالها من خلال تقديم تقرير مالي مدقق من قِبل شركة تدقيق معتمدة ويعلن هذا التقرير للعامة.
في وسط انتشار الشركات التجارية، سواء الصغيرة منها أو المتوسطة أو الكبيرة، وفي وسط تسابقها على تحقيق الأرباح، وتنافس تلك الشركات على استقطاب هؤلاء الزبائن وتقديم الخدمات وعرض السلع عليهم، وذلك في سبيل تحقيق المزيد من الأرباح، وفي وسط معاناة الزبائن والمستهلكين من جشع التجار وقدرتهم على تحقيق مكاسب مالية على حساب دخل هؤلاء الزبائن، ظهرت فكرة الشركات غير الربحية، كوسيلة لإنقاذ الناس من جشع ومنافسات التجار.
ويقصد بالشركات غير الربحية: هي الشركات التي تقدم أنشطة عامة أو خاصة تخدم المجتمع في مجالات متعددة بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، وتقدم خدماتها بعمومية وتجرد، وتؤسس هذه الشركات بموجب سجلات تجارية، ويجوز لهذه الشركات أن تأخذ شكل شركة التضامن، أو شركة التوصية البسيطة، أو الشركة ذات المسؤولية المحدودة، أو شركة المساهمة العامة أو شركة الفرد الواحد.
ولهذه الشركات أنظمة أساسية ولوائح تحدد نظام عملها ونطاقه وغاياته، وهي عبارة عن قواعد قانونية تضمن قيام هذا النوع من الشركات بدورها في خدمة المجتمع دون انشغالها بتحقيق الأرباح للمؤسسين والملاك، ومن أبرز هذه القواعد:
• ترخص هذه الشركات لدى الجهات المعنية بترخيص الشركات التجارية مثل وزارات التجارة، وبالتالي تخضع لقوانين وأنظمة الشركات الربحية، إلا أن لها بعض الخصوصية في هذه التشريعات التي تنظم النشاط غير الربحي.
• إن طبيعة أنشطة هذه الشركات الواردة في أنظمتها الأساسية ولوائحها أنشطة إنسانية اجتماعية، فهي تهدف لتقديم خدمة للناس، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر فمن أمثلة الشركات غير الربحية التي تقدم خدمة اجتماعية إنسانية مباشرة: المستشفيات غير الربحية، أو المدارس غير الربحية، أو الأندية الرياضية الترفيهية غير الربحية، فهذا النوع من الشركات لا ينشغل بتحقيق الأرباح، بل هدفه جودة الخدمة المقدمة للمستهلك، ومن أمثلة الشركات غير الربحية التي تقدم خدمات اجتماعية غير مباشرة مثل: مشاغل الخياطة، أو مصانع الأغذية، أو محال بيع السلع المختلفة، وتتميز هذه الشركات عن غيرها أنه يُنصُّ في نظامها الأساسي أن صافي أرباحها يخصص لدعم الأعمال الإنسانية أو الاجتماعية، كخدمة المعوقين، أو المسنين، أو المرضى أو غيرها.
• ومن سمات هذا النوع من الشركات أنه لا يجوز للمؤسسين أو الأعضاء الانتفاع بأرباح تلك الشركة أو بجزء منها.
• لا يجوز الاستفادة من أرباح هذه الشركات إلا في مجالين وهما: دفع كلفة تشغيل الشركة المتمثل في دفع إيجار المحل، أو رواتب الموظفين أو رسوم الكهرباء أو غيرها، والمجال الثاني في دعم أهدافها الإنسانية أو الاجتماعية التي أنشئت لأجلها كدعم المعوقين أو المرضى أو المسنين أو الأيتام أو غيرهم.
• للشركات غير الربحية مجلس أمناء يشرف على عملها ويضع الخطط التي تساعد الشركة على تحقيق أهدافها، كما يكون لها مدير تنفيذي يُعيَّن من قِبل مجلس الأمناء يتولى إدارة أعمالها ومتابعة تنفيذ أنشطتها وخدماتها للمستفيدين بالشكل الأمثل.
• تلتزم الشركات غير الربحية بجميع مبادئ الحوكمة، وأهمها مبدأ الشفافية، ومن هنا يجب الإفصاح عن أموالها من خلال تقديم تقرير مالي مدقق من قِبل شركة تدقيق معتمدة ويعلن هذا التقرير للعامة.
• على الشركة غير الربحية أن تنص على عبارة (لا تهدف للربح) في جميع وثائقها، سواء في النظام الأساسي وفي مراسلاتها ولوحات إعلاناتها، وجميع أنشطتها الترويجية.
• يجوز للشركات غير الربحية قبول الهبات والمساعدات من القطاع الخاص أو العام أو من الجمعيات، كما يجوز لها جمع التبرعات من الجمهور عن طريق وضع حصالة لجمع التبرعات في مقر الشركة، كما يجوز لها قبول التبرُّع العَيْني أو النقدي من الجمهور.
• يجوز للشركات غير الربحية إطلاق حملات التوعية، والبرامج التدريبية التوعوية، وبرامج نشر الوعي بين الجمهور في مجال اختصاصها.
• يجوز للشركات غبر الربحية الاستعانة بمتطوعين لتقديم خدمات إنسانية اجتماعية والتي تتفق مع أهدافها.
• تحصل الشركات غير الربحية على دعم خاص، خصوصا من الدولة في صور مختلفة مثل: الإعفاءات من الضرائب والرسوم كالرسوم الجمركية أو رسوم الكهرباء، أو تقديم التسهيلات في المعاملات الحكومية.
ومن هنا فإن الشركات غير الربحية تقدم نفس الأنشطة والخدمات التي تقدمها الشركات التجارية الربحية، ولكن بسعر تنافسي، وبجودة عالية؛ كونها لا تنشغل بهاجس تحقيق الربح وتسليمه للملّاك، وفي الوقت نفسه يكون هدفها تقديم خدمات اجتماعية ومساعدة الناس وحماية المستهلك من جشع التجار.
ويبقى السؤال: هل الشركات غير الربحية تشكل منافسا يهدد وضع الشركات الربحية؟ الواقع أن المنافسة بين الطرفين موجودة وقد تؤثر على قدرة الشركات الربحية على تحقيق الأرباح، إلا أنه من يرصد الواقع يجد أن هذه المنافسة غير قائمة لقلة انتشار الشركات غير الربحية المنافسة، إذ تظل الأسواق مفتوحة للمستثمرين في جميع المجالات، وعموما فالعمل الإنساني له مجاله ويستقطب دعم شركات القطاع الخاص أي الشركات الربحية، لا سيما في مجال الرعاية الصحية والتعليم… ودمتم أبناء قومي سالمين.
نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري