man sitting on mountain cliff facing white clouds rising one hand at golden hour

كيف تكون مديرا ناجحا للمشاريع التطوعية؟

تقوم كُلُّ مؤسَّسة، سواء حكوميَّة أو تجاريَّة ربحيَّة خاصَّة أو غير ربحيَّة بتنفيذ مجموعة مشاريع سنويًّا، مِنْها طويلة المدى ومِنْها قصيرة المدى. ومن هذه المشاريع: إنشاء المدارس، وزيادة مبيعات المنتجات، وتطوير المنتجات، وإنشاء مراكز تأهيل المعوقين والمرضى، ومراكز الرعاية مِثل رعاية المُسنِّين والأيتام، وبناء المستشفيات، وتخطيط الشوارع، والبرامج التدريبيَّة والتوعويَّة، وغيرها. وتهتمُّ تلك المؤسَّسات بالالتزام بمعايير الجودة لإدارة تلك المشاريع بحيث تضْمَن أن ينجزَ المشروع في الوقت المُحدَّد وبنفس الكلفة والموازنة المرصودة له، والتحقيق من سَير المشاريع وتشغليها، وتقييم مدى فاعليَّة المشروع، وذلك في سبيل تحقيق أهداف المؤسَّسة. وعادةً ما تهتمُّ المؤسَّسات بتعيين موظفين مختصِّين في إدارة المشاريع؛ ليقوموا بالإشراف على تنفيذ المشروع وتشغيله بالشكل السليم.
وبطبيعة الحال فإنَّ المنظَّمات الأهليَّة غير الربحيَّة تضع خطَّة سنويًّا لتنفيذ مشاريع أو تستكمل مشاريع بدأتها في السنوات السابقة. وهنا تبرز أهمِّية أن يحدِّدَ مجلس الإدارة مديرًا لكُلِّ مشروع من المشاريع الواردة في خطَّة المنظَّمة الأهليَّة، وقَدْ يكُونُ المدير متطوِّعًا أي يدير المشروع بِدُونِ مقابل أو بمكافأة تعوِّضه عن مصروفاته المترتبة على إدارة المشروع مِثل قِيمة المكالمات الهاتفيَّة، أو قِيمة بترول السيَّارة أو قِيمة تناول الوجبات خارج المنزل بشكلٍ يومي. وعادةً ما يتولَّى مدير المشروع المتطوِّع إدارة المشاريع قصيرة المدى، مِثل المؤتمرات، حزمة البرامج التدريبيَّة السنويَّة التي تُنفِّذها المنظَّمة الأهليَّة، مشروع الحقيبة المدرسيَّة، أو مشروع إفطار صائم، وغيرها من المشاريع قصيرة المدى. ولكن في حالة وجود مشاريع طويلة المدى، أو أنْ تكُونَ المشاريع كبيرة رُصد لها موازنة كبيرة، مِثل إنشاء مستشفى خيري، أو مدرسة خيريَّة، أو دار مُسنِّين غير ربحيَّة أو مركز إعادة تأهيل، فلا بُدَّ من توظيف مدير مختصٍّ في مجال إدارة المشاريع لضمان جودة سَير العمل، والحفاظ على أموال المنظَّمة الأهليَّة من الضياع. ولمديري المشاريع بالمنظَّمات الأهليَّة دَوْر مُهمٌّ ورئيس في تحقيق أهداف الجمعيَّة وتفعيل دَوْرها، فعلَيْهم تعتمد المنظَّمة الأهليَّة في تنفيذ مشاريعها، حيث يُعدُّ عجز الجمعيَّة عن تنفيذ تلك المشاريع هو عجزًا عن تحقيق أهدافها، ففشل مديري المشاريع التطوُّعية في مهمَّتهم يؤدِّي إلى ضعف المنظَّمة الأهليَّة وركودها وعجزها عن تحقيق أهدافها. ومن هنا تبرز أهمِّية دَوْر مديري المشاريع في المنظَّمات الأهليَّة.
ويختلف مدير المشروع التطوُّعي عن باقي مديري المشاريع في القِطاعَيْنِ الحكومي والخاصِّ، بأنَّه يجِبُ أنْ يكُونَ مديرًا محبوبًا من قِبل المتطوِّعين الذين يعملون في المشروع، كما يتميَّز باهتمامه بالجانب الاجتماعي والإنساني، وقدرته على بناء علاقات واسعة مع فئات مختلفة من المُجتمع. ولكي تكُونَ مديرًا ناجحًا للمشاريع التطوُّعيَّة عليك أن تتحلَّى بعدَّة صفات أهمُّها: الإيمان بالدَّور الإنساني والرسالة السَّامية لخدمة المُجتمع، وأن تتمتعَ بحُبِّ مساعدة النَّاس وتقديم الخدمة لهم، وأن تتعاطفَ مع سدِّ احتياجات النَّاس، والقناعة التامَّة التي لا تتزحزح أنَّ هذه المشاريع تُنفَّذ بهدف مساعدة النَّاس ودعمهم. ومن المُهمِّ أن تتمتعَ بالقدرة على التواصل مع الجمهور، وكسْبِ ثقة الآخرين، وأن تكُونَ قادرًا على تحفيز المتطوِّعين للعمل في المشروع بِدُونِ مقابل فتتقن فنَّ التشجيع والتحفيز، ورفع معنويَّات المتطوِّعين، وامتلاك مهارات بناء الفريق، وإدارة العمل الفريقي، ومهارات التعامل مع المشكلات، ورصد التقدُّم في تنفيذ المشروع، وعليك أن تلتزمَ بمبادئ الشفافيَّة عن طريق إعلان تقارير دَوْريَّة حَوْلَ ما تمَّ تنفيذه من المشاريع، سواء للأعضاء بوضع هذه التقارير داخل مبنى المنظَّمة الأهليَّة، أو عن طريق إعلانها للجمهور في وسائل التواصل الاجتماعي. وعِند إعلان تلك التقارير عليك أن تنسبَ الفضل لأصحابه في إنجاز العمل، وتركِّز على تقدير وشكر المتطوِّعين، ومكافأتهم بشكلٍ دَوْري عن طريق إقامة الحفلات والرحلات الترفيهيَّة، والسفرات الجماعيَّة، وغيرها من أساليب التحفيز، كما عليك تقبُّل النقد وقَبول آراء الآخرين، ومن الضروري أن تتحلَّى بالمصداقية والأمانة. وبطبيعة الحال، لا بُدَّ من أن تتمتعَ بالكفاءة المهنيَّة في إدارة المشاريع التطوُّعيَّة، فتلتزم بما ورَدَ في الخطَّة التنفيذيَّة، مع مراعاة العامل الزمني والمادِّي، ووضع خطوات الخطَّة الزمنيَّة لتنفيذ المشروع أمام الجميع، وتفعيلها عن طريق وضع علامات تدلُّ على إنجاز المهام الواردة في الخطَّة في الوقت المُحدِّد أو قَبل الوقت المُحدَّد أو بعدَه. ويُمكِننا القول: إنَّ مدير المشروع التطوُّعي يقوم بنَفْسِ مهام إدارة المشاريع في القِطاعات الأخرى، إلَّا أنَّه علَيْه التحلِّي بالمرونة والشفافيَّة، وحُسن التواصل مع الآخرين. فمدير المشروع التطوُّعي هو المدير الإنسان… ودُمْتُم أبناء قومي سالمين.
نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري