يشتكي أحيانًا أعضاء مجالس إدارة بعض الجمعيَّات من رئيس الجمعيَّة؛ لأنَّه لا يدعو لاجتماعات مجلس الإدارة، لدرجة أنَّ البعض ينسى أنَّه انتخب لعضويَّة مجلس إدارة الجمعيَّة، فلا اجتماعات ولا لقاءات، ولا حتَّى عِلم بأنشطة الجمعيَّة. وفي الوقت نَفْسه يشتكي رئيس الجمعيَّة من أعضاء المجلس؛ لأنَّهم لا يحضرون الاجتماعات الَّتي يدعو لها، فلا ينعقد نصاب الاجتماع، فتؤجَّل الاجتماعات عدَّة مرَّات دُونَ جدوى، لذا يضطرُّ لاتِّخاذ القرارات منفردًا في بعض شؤون الجمعيَّة الَّتي تتطلب سرعة في اتِّخاذ القرار. والواقع أنَّ هذه المُشْكلة هي من المشاكل الشَّائعة في المُجتمع المَدَني والمتكرِّرة في الجمعيَّات، على مدى سنوات. لذا فقَدْ وُضعت تدابير تحمل جميع أطراف مجلس الإدارة على الالتزام بعقد اجتماعات مجلس الإدارة، وأهمُّ هذه التدابير أن تتضمنَ القوانين والتشريعات المتعلِّقة بالمُجتمع المَدَني الحدَّ الأدنى من عدد الاجتماعات الَّتي يجِبُ أن يعقدَها المجلس في العام الواحد، كما تُلزم هذه التشريعات أعضاء مجلس الإدارة على إرسال نسخة من محاضر اجتماعات المجلس متضمِّنةً القرارات المُتَّخذة في هذا الاجتماع للجهة الإشرافيَّة الَّتي رخَّصت للجمعيَّة، وذلك للنظر فيها ودراستها، كما تُلزم هذه التشريعات مجلس الإدارة الإفصاح للجمعيَّة العموميَّة عن عدد الاجتماعات الَّتي عقدها المجلس سنويًّا والقرارات الَّتي اتُّخذت خلالها. وللجمعيَّة العموميَّة مناقشة مجلس الإدارة في القرارات الَّتي اتُّخذت في هذه الاجتماعات ومطالبته بالإفصاح عن أسباب التراخي في عقْدِ هذه الاجتماعات. كما أعطَتِ التشريعات أعضاء مجلس الإدارة الحقَّ في فصْل أيِّ عضو في حالة تخلُّفه عن حضور عدد معيَّنٍ من الاجتماعات.
والواقع أنَّ لاجتماعات مجلس الإدارة أهمِّية كبيرة، فهي تحافظ على النَّمط الديموقراطي في إدارة الجمعيَّة، وعدم إعطاء أيِّ طرف بالجمعيَّة فرصة للتسلُّط أو المركزيَّة أو التفرُّد في إدارة الجمعيَّة أو اتِّخاذ القرارات، كما تحمي أموال الجمعيَّة من سوء الاستغلال. وتتنوَّع الموضوعات، والقرارات الَّتي يجِبُ أن تعرضَ على مجلس الإدارة، نذكُر مِنْها: إقرار الخطَّة التنفيذيَّة السنويَّة للجمعيَّة والَّتي تتضمَّن برامج وأنشطة الجمعيَّة طوال العام، متابعة تنفيذ الخطَّة مع ممثِّلي لجان الأنشطة بالجمعيَّة، وقياس مدى فاعليَّة ونجاح هذه البرامج والفعاليَّات، ومتابعة أداء المدير التنفيذي للجمعيَّة، وبالطبع يتمُّ متابعة الأموال المصروفة على تنفيذ هذه الأنشطة، أو المصروفة على تشغيل الجمعيَّة من رواتب ورسوم الكهرباء والماء، والإيجار وغيره. وعلى مجلس الإدارة تقييم مدى كفاءة تنفيذ برامج الخطَّة السنويَّة، وليس هذا فحسب، إذ على مجلس الإدارة اتِّخاذ القرارات المتعلِّقة بالاستثمار في أموال الجمعيَّة إن وجد، وكذلك القرارات المتعلِّقة بالأمور الإداريَّة، مِثل توظيف الموظفين، وتوزيع المهام بَيْنَهم، وصيانة المبنى، والموافقة على قَبول الأعضاء الجُدد بالجمعيَّة، واتِّخاذ القرار في رفع رسوم الاشتراك، وغيرها من القرارات المُهمَّة.
ومن ذلك نجد أنَّ الموضوعات الَّتي يجِبُ أن يتَّخذَ فيها مجلس الإدارة قرارات لها أهمِّيتها في زيادة فاعليَّة الجمعيَّة وقدرتها على تحقيق أهدافها، وحُسن إدارة مواردها الماليَّة والبَشَريَّة، وقدرتها على بناء شراكات وعلاقات مع أطراف من خارج الجمعيَّة، لذا فإنَّ التراخي في عقْدِ هذه الاجتماعات يوقِع الضَّرر على الجمعيَّة، ويُعطي مجالًا للفساد وسوء الاستغلال في إدارتها، لذا تحدِّد التشريعات المتعلِّقة بالجمعيَّات عقوبات على أعضاء مجلس الإدارة في حالة عدم التزامهم بعقدِ هذه الاجتماعات، وغالبًا ما تكُونُ هذه العقوبات عبارة عن غرامات يدفعها رئيس مجلس الإدارة وأمين السِّر. ويُمكِننا القول إنَّ اجتماعات مجلس الإدارة بما فيه من قرارات هي ضرورة واجبة، وليس ترفًا فكريًّا… ودُمْتُم أبناء قومي سالمين.
نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري