You are currently viewing زوجة الأب في قفص الاتهام

زوجة الأب في قفص الاتهام

أتذكرون قصة (سندريلا) والتي كانت ضحية لسوء معاملة زوجة أبيها، وكم كانت تعاني تلك الصغيرة من تمييز زوجة الأب في معاملتها بينها وبين أختيها، وكيف أن دور والد (سندريلا) في حمايتها مغيب. قصة ترويها كل أُم لأطفالها، لتترك رواسب في نفس كل طفل حول صورة زوجة الأب الحاقدة على ابنة الزوج. حتى باتت زوجة الأب في قفص الاتهام، ورسمت لها صورة مرعبة، وهنا يفرض سؤال نفسه: ترى هل هذه الصورة واقعية؟!!! وهل زوجة أب سندريلا نموذجا لجميع شبيهاتها؟!!
وهنا سنتحدث عن زوجة الأب تلك التي تعيش مع أطفال زوجها الذين أنجبهم من امرأة أخرى، وهي مسؤولة عن تربيتهم، فهؤلاء الأطفال قد تجرعوا مرارة فقد الأم وفراقها إما بسبب الوفاة، أو بسبب الطلاق. وفقد الطفل لأُمِّه يترك جروحا وآلاما لا تندمل مهما طال الزمان، فهو رمز للبؤس، فالطفل لا ينسى ولا يسلى عن فقد أُمِّه، وبينما هو في غمرة آلامه يصدم صدمة أخرى بأن والده قد سلى أُمَّه وهو مستعد أن يستعيض عنها بامرأة أخرى تحل محلها لتكون أُمًّا بديلة، فتزداد جراح هذا الطفل لهيبا لكنه غالبا ما يكتمها. وهنا تبدأ المشكلة!!! إذ يطلب من هذا الطفل الجريح أن يستقبل زوجة أبيه التي ستحل محل أُمِّه برحابة صدر وأن يتقبل الوضع الجديد بكل عقلانية، ويتجاهل مشاعره، وهذا أمر محال، وهو فوق قدرات أي طفل. فيعبِّر عن رفضه لهذا الواقع بسلوكيات مختلفة إما عنيفة أو بسلوكيات انهزامية.
وتدخل زوجة الأب مبتهجة سعيدة بزواجها وقد رسمت صورة وردية لعلاقتها بأبناء زوجها، وتظن أنها ستنجح في علاقتها معهم بين ليلة وضحاها، فتصدم بلهيب جراح هؤلاء الأطفال، وبسلوكيات وردود فعل هؤلاء الأطفال، وتبدأ لديها ثورة الغضب فتعبِّر عن غضبها لزوجها الذي سيتعاطف معها بطبيعة الحال. وهنا تبدأ الدائرة في الدوران بلا توقف كل طرف يستثير غضب الثاني في دورة من المشاكل العائلية التي لا تنتهي، والتي تترك رواسب وعقدا نفسية لدى الأطفال، بل وحتى لدى أصدقائهم الذين يشاركونهم همومهم، وترسم صورة بشعة لزوجة الأب.
وفي المقابل دعونا نعترف أن الغيرة من الخصائص النفسية للمرأة، فمشاعر الغيرة من الزوجة السابقة، ومن أبنائها، لا بُدَّ وأن تنعكس على سلوك زوجة الأب وتظهر في صورة سيل من الغضب والرغبة من الانتقام في الأطفال في كثير من الأحيان، لذا فإن الخوض في تجربة تربية أبناء الزوج تجربة معقدة تحتاج لتريث قبل الموافقة في الدخول في هذه التجربة وتقييم مدى قدرة المرأة وتحملها النفسي لمثل هذه الأحاسيس الجديدة، كما تحتاج لوقت ومران للتغلب على هذه المشاعر، وهنا نقدم بعض النصائح لزوجة الأب:
• تغلبي على مشاعر الغيرة من أبناء زوجك، وتحكمي في ردود فعلك عندما يقتربون من أبيهم، بل على العكس احرصي على توفير وقت طويل لأن ينفردوا بأبيهم ويتحدثوا معه ويفضوا له بهمومهم، فإن هذه المساحة من الحرية تسهل تقبلهم لك.
• لا تنتقدي أُمَّهم أمامهم أو أمام الآخرين، ولا تحاولي إبراز سلبياتها، أو تعقدي مقارنة بينك وبينها، فإن هذا النقد يثير شعور الكراهية ضدك، وتذكري دائما أن حب الأطفال لأُمِّهم سيظل مغروسا في قلبهم طوال حياتهم.
• لا تشتكي من تصرفاتهم لزوجك وتثيري غضبه ضدهم، فتسوء معاملته لهم، فيتعكر الجو الأسري وتكبر الفجوة بينك وبينهم.
• حاولي القيام بأنشطة ترفيهية مشتركة بينك وبين أبناء زوجك بشكل متكرر كالرحلات، وإقامة الحفلات، والخروج للسينما، فأجواء المرح والسعادة تقرب المسافات بينك وبينهم.
• لا تتوقعي النجاح في بناء علاقة إيجابية مع أبناء زوجك بسرعة، فقد أثبتت الدراسات مثل هذه العلاقات تستغرق وقتا طويل تصل إلى ثلاث سنوات.
• لا تطلبي منهم أن ينادوك بكلمة (ماما) فهو أمر صعب عليهم، فإن مناداتك بهذا اللقب سيكون بعفوية عندما تنجحين في كسب قلوب أبناء زوجك.
• تقربي لهم بالهدايا، وحاولي اختيار الهدايا التي يحتاجونها، فللهدايا مفعول السحر في بناء جسور المحبة.
• استمعي لهمومهم، ومشاكلهم ولا تحاولي التدخل في تفاصيل تربيتهم، وتجبني اتخاذ القرارات فهذه الأمور هي من مهام والدهم.
• تجنبي العصبية والصراخ وثورات الغضب، فهذه السلوكيات غير مقبولة وتعكر جو الأسرة.
• امتدحي أُمَّهم واثني على تصرفاتها واعطيهم الفرصة للحديث عنها ما استطعت، فإن مثل هذه الأحاديث تطفئ مشاعر الشوق لدى الأبناء لأُمِّهم.
• تعاملي بحكمة مع مشاعر شوق الأبناء لأُمِّهم، فهي مشاعر حارقة تحتاج لتعامل هادئ وحكمة في التصرف.
• تذكري دائما أن الأطفال هم الطرف الأضعف، فهم يمرون بتجربة قاسية، وهي تجربة فقد الأُم وإيجاد أُم بديلة، فعليك التحلي بالصبر وحُسن التصرف.
• كوني قدوة لهم، وعامليهم بحُسن الخُلق، وتجنبي توجيه النصح المباشر واللوم.
تذكري أن خوض تجربة زوجة الأب وتربية أبناء الزوج هي من التجارب الصعبة التي تحتاج لجهود كبيرة، فتأكدي من قدرتك على تحمل الدخول في مثل هذه التجربة، وتهيئي قبل بدء التجربة، واستفيدي من خبرات الآخرين، لا سيما المختصين في الإرشاد الأسري، وتذكري أن رعايتك لأبناء زوجك باب من أبواب الخير، والإساءة لهم سواء بالإهمال والتقصير في رعايتهم أو إيذائهم باب من أبواب الإثم.

المصدر